أرشيف

حرب صعدة : هل يعني دخول السعودية أقلمة للصراع ؟

تؤذن حرب صعدة في مرحلتها الجديدة باشتباك إقليمي يُدخل اليمن في لحظة حرجة تُنبئُ بتصاعد دراماتيكي للحدث الداخلي، خصوصا في الجنوب وما يستتبع من مضاعفة المعاناة، التي لا تستطيع صنعاء الاستمرار في تجاهلها، خشية نتائج تتبلور مقدماتها في غير مصلحة الوطن اليمني ووحدته.

 ويرى محللون ومتابعون للشأن اليمني أن الأزمة التي تعصف بالبلاد نتاج حزمة من مشكلات جرت مواجهتها بمعالجات وأدوات جعلتها ككرة الثلج في تدحرجها الى أن بلغت مديات غير مسبوقة بلغت الأزمة، التي لا يمكن التصدي لها إلا برؤى جذرية تعيد تسمية الأشياء بمسمياتها في مسعى لتشخيص الحال التي بلغتها البلاد، وهو ما لا يمكن بلورته إلا بأفق وطني تشترك في صياغته جميع القوى العاملة على الساحة اليمنية، مسنودة بجدار عربي يجعل نصب عينيه مصالح اليمن وشعبه والحفاظ عليه وطنا موحَّدا وموحِّدا لليمنيين جميعاً.

 في عناوينها الرئيسة تأخذ الأزمة اليمنية أربعة أبعاد في مقدمها البعد الاقتصادي والمعيشي، والعلاقة بين الدولة وما يسمى "الحراك الجنوبي" بصفته وليداً لحرب 1994، والأزمة مع الحوثيين، والأزمة بين الحزب الحاكم مع أحزاب المعارضة، وهي أزمات باتت في محملها أزمة حكم، كما يرى محللون.

 وفي انعكاسها المباشر على الداخل اليمني تبدو الحرب في صعدة، حسب تحذيرات أطلقها مسؤولون حكوميون وخبراء اقتصاد وسياسيون شديدة التأثير على الواقع الاقتصادي في البلاد، واعتبروا أن الحرب ستوجه ضربة قوية للاقتصاد وقطاع السياحة في البلاد، إضافة الى خسائر طائلة وصلت بحسب التقديرات الرسمية إلى 150 بليون ريال يمني (750 مليون دولار) فضلا عمّا أزهقته من أرواح ودمار في الممتلكات.

 ولعل ما يطفو على سطح الحدث اليمني في صعدة، يوجز الى حد بعيد أزمة البلاد في منطقة من مناطقها، ارتدت ابتداء شكلا سياسيا وتفاقمت في تعرجاتها حتى بلغت منحنى خطيرا تمثله المواجهة العسكرية الحالية، واضطرار المملكة العربية السعودية الى الدخول على خط هذه المواجهة التي تشهدها مناطق حدودية لأراضي المملكة.

 لعب تردي الأوضاع الاقتصادية، والموروث الاجتماعي والسياسي دورا كبيرا في تأجيج الأزمة، التي باتت شاملة، بفعل التمسك بسياسات قديمة في مواجهتها، وعدم الالتفات الى المتغيرات التي يشهدها الداخل اليمني، خصوصا في غياب التوزيع العادل أو المنطقي للثروة بين مناطق البلاد التي، يقول رئيس وزرائها السابق  عبدالكريم الأرياني إنها ستواجه مجاعة العام المقبل، موضحا أن "الفقر هو توأم الإرهاب في اليمن حيث تمثل العضوية في تنظيم القاعدة وظيفة جذابة تدر دخلا جيدا".

 وحسب الدكتور الأرياني فإن نسبة البطالة تتجاوز 30 في المائة، بينما يصنف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة اليمن على أنه أكثر البلدان افتقارا للأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط.

 الأرياني وهو من أعمدة الحكم، قال إن المشكلات الاقتصادية أبرزت مشاعر الاستياء في الجنوب الذي يعاني من اضطرابات بسبب النزعة الانفصالية في الشهور الأخيرة وتمردا آخر في الشمال حيث ما تزال الاشتباكات مستمرة.

 وبدا لافتا التعريف الذي أورده التقرير العالمي للأزمات الصادر عن المركز الاستراتيجي للدراسات في لندن الذي جاء فيه:(فشل الدولة في إيجاد توازن بين احتياجات المواطنين وفي التفريط  لامتلاك القبضة الحديدية واحتكار العنف بقوة عسكرية لحماية النظام السياسي تفوق كل اقتصادات البلاد، حينها يصبح الحكم على السلطة بالفشل، إذا كانت قوية جداً عسكرياً، لأنها تخنق الحياة في مجتمعها، وترغم المواطنين على ممارسات تعبر فيها عن رفضها للسلطة وإسقاطها وفي أحيان كثيرة أخرى، قد توُدي ممارسات المواطنين الى الفشل العام للدولة بكاملها).

 ويرى محللون سياسيون أن دخول المملكة العربية السعودية الحرب ضد جماعة الحوثيين يعد تطورا دراماتيكيا ويؤشر إلى مرحلة جديدة من الحرب ربما تؤدي إلى أقلمتها، وقد تؤدي إلى سرعة إيقافها. بينما يؤكد آخرون أن مشاركة السعودية في الحرب ضد الحوثيين ستعجل بإنهائها، وستجعل كل الأطراف تدرك أن الحل السياسي هو السبيل لإنهاء الحرب.

 ويتداول محللون كذلك أن الحوثيين خططوا لنقل الحرب إلى داخل الأراضي السعودية، معتبرين ذلك تجسيدا لقرار إيراني بتوريط المملكة فيها، بعدما أعلنوا قبل نحو أسبوعين عن قبولهم بالشروط الخمسة التي وضعتها الحكومة اليمنية لإيقاف الحرب في صعدة.

——————————-

نقلاً عن صحيفة الغد

[email protected]

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى